[center]بسم الله الرحمن الرحيم،
{ الـكـريــم }
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله , نحمده و نستعينه ونستغفره , ونتوب إليه , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له ,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , بعثه الله تعالى بالهدى ودين الحق
و أرسله الله للإيمان مناديا و إلى توحيدة داعيا , فبلغ الرسالة ؛ و أدى الأمانة فصلاة الله و سلامة علية و على أله و أصحابة الذين جعلوا توحيد الله غايتهم و مقصدهم ؛ فغزو ؛ و سادو ؛ و بنوا و أسسوا دولة من العدم نشرت عدلها على سائر الأمم .
ووفق الله من شاء من عباده فاستجاب لدعوته , واهتدى بهداه , وخذل الله بحكمته من استكبر عن طاعته , وكذب بخبره , وعاند أمره , فباء بالخسران والضلال البعيد .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النساء
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } الأحزاب
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} أل عمرانشش
{إن اصدق الحديث كلام الله و خير الهدى هدى سيدنا محمد ص}
جاء اسم الكريم في القرآن ثلاث مرات :
مرتان منهما بمعني ( كريم ) في قوله تعالى:" يا أَيُّهَا الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" (الانفطار: 6)، ".وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ" (النمل:40)، والمرة الثالثة اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} " (العلق
معنى الكرم مفهوم الناس ؛ أنه اسم جامع لكل ما يُحمد الله عليه : الشهامة كرم ؛ والشجاعة كرم ، العفو كرم ؛
كذالك القرآن سمي بالكريم لآن فيه من الخير الكثير ، أي أنه اسم جامع لكل ما يُحمد الله عليه لكل الخير ؛؛؛
أن اسم الكريم يشمل كل أسماء الله الحسنى ، فمن كرمه أنه رزاق ؛ ووهاب ؛ يعطيك الهدايا والهبات ؛ دون طلب ففي الحديث
( إن الله حييٌ كريم ؛ يستحي أن يرفع العبد يديه ؛ ثم يردهما صفرا خائبتين) ،
جاء إلى النبي أعرابي يسأله:
من سيحاسب الخلق يوم القيامة ؟ فقال النبي : الله فقال الرجل : إن الكريم ذا قبل عفا ، فهو كريم في عفوه .
الله هو الأكرم ؛ والفرق بين الكريم ؛ والأكرم ؛ ما من أحد مثله ، كريم في ذاته وعطائه
( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ؛ وأنت الآخر فليس دونك شيء) فبا أسم الكريم تتذكر كل أسماء الله الحسنى .
الكريم يبدأ بالإحسان إليك ؛ وهو لا يمن عليك ؛ بعد العطاء ؛ ولا يخيب أملك ، بعد الدعاء ؛؛؛
الكريم لا يخيب رجا ئك ؛ ولا يُذلك ، فقد سأل أحدهم سيدنا عليّ ؛ له مسألة ؛؛؛؛؛؛؛
مسألة فأمر عليّ غلامه بإطفاء السراج ؛ وأعطى الرجل مسألته ، ولما سأله الغلام عن سبب إطفاء السراج قال عليّ : حتى لا أرى على وجهه ذل السؤال .
لمن هذا الكرم الخاص ؟ لك أنت ، فأنت أغلى مخلوق ،عند ربنا ؛
قال تعالى: " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ(الا سراء:70)، فقد كرمك ؛ بأن سوَّاك، وقال :
" يا أَيُّهَا الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" (الانفطار:6)
فعدل جسدك ؛ وجعله غير منحني كبقية المخلوقات ؛ أعزكم الله ؛ لذلك فنحن نقول ( ربنا ولك الحمد) عند الرفع من الركوع ،
فلولا أن الله عدل لك ظهرك ، لكنت تشرب اللبن ؛ والماء ؛ كا لحيوانات أعزكم الله ؛
فتكوين مفاصلك ؛ وتكوين يديك ؛ يسمح لك بالاعتدال ؛ و تمسك بكوب الماء بيديك
فقد خُلقت على أحسن صورة . لذلك جعلك آخر المخلوقات فقد خلق القلم أولا ثم باقي المخلوقات ، وعندما أُعدت الأرض لاستقبالك ؛
خلقك لتخلفه فيها وتصلح ؛
فأنت غالٍ قوي عند الله ، فلا تُهن نفسك فقد قال تعالى على لسان الملائكة:
{ أتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 30)
غـلـوك على الله أنه أسجد لك ملائكته ، وطرد إبليس من الجنة لرفضه السجود لك ، فقد كرمك بأن نفخ فيك من روحه ، وسواك ، وأسجد لك الملائكة . عندما أقسم الله بأطهر ثلاث أماكن في الأرض
{" وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ{1} وَطُورِ سِينِينَ{2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ{3} لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ{4} ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}5}(التين:1- 5)
" ما معنى هذا الدعاء؟ وما علاقة التين والزيتون بجبل الطور الذي نزل عليه الوحي على سيدنا موسى وعلاقة ذلك بمكة ؟
فالتين والزيتون ليس المقصود يهما الطعام ولكنهما رمز للمكان . فالله: يقسم بأطهر ثلاثة أماكن على وجه الأرض . فقد أقسم بفلسطين والطور ومكة
بأنه خلقنا في أحسن خلقة - كرمك بخلقك في هيئتك الجميلة { ولكن عندما أهنت نفسك } انظر النتيجة :" ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ " التين.
كما كرمك الله بأن خلقك من ماء وتراب ، لأنهما أطهر عنصر في الكون ، والمعنى أنك أنقى وأطهر مخلوق يا بني آدم
فلا تُنجس نظافتك بالمعاصي ؛ ونفاق ؛ و رياء . لا تُهن نفسك .
ذلك هو المعنى الخاص للكريم .
فأنت خلاصة الخلق ، فالله اختصر الكون فيك ؛ كما اختصر القرآن في الفاتحة .
لأننا خلفاء الله في الأرض ، لابد أن نكون مترفعين عن الصغائر ؛ والشهوات .
فلا تقبل إهانة نفسك بعد ذالك : لأنك محترم لا أنك أغلي شيء عند الله ؛ يا عبد الكريم ،
لا تُهن نفسك بمعصية ؛ أو نفاق ؛ أو زلل ؛ حتى لو لم يعلم أحد بمعصيتك ؛ فكفى بنفسك عليك شهيدا ،
فتسقط من نظر نفسك ، فتقع أسير في التشكك ؛ في أي نظرة من الآخرين ؛ خوفا من الفضيحة فيصدق عليك قوله تعالى واصفا المنافقين : يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَة عليهمٍ (المنافقون:
فلا تُهين نفسك بعد ذالك . عيش حياتك با سم الكريم ؛ لقد جعل الله لك التوبة ليكرمك بيها ، وجعل لك اسمه الغفور ؛ ليحافظ لك على هذا التقدير ؛ تقدير نفسك :
تقدير الذات يا عبد الكريم . وإذا وجدك لا تأبه شيء ؛ مش خا يف من حاجه فضَحَكَ فضحا يسيرا ، وكلٌّ منا يخشى هذه الفضيحة ،
وهكذا يفعل الكريم فإن لم تأبه بالفضيحة اليسيرة : ولم ترجع زاد عليك نسبة أخرى : لعلك تعود إليه وترجع عن إهانة ذاتك . ونفسك ::
أريدك أن تنتبه إلى أن الإهانة ؛ هي معركتك مع الشيطان الذي قال لله عز وجل: في تحدي سافر:؛
{ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ" (صّ: 76)، " قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً" (الأعراف:1 فالشيطان يريد أن يثبت أنه خير منك، فقال: " ...لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً ا" (الاسراء:62)
وأحتنكن جاءت من الحنك أي أن الشيطان سيلجمك ويسوقكم أعزكم الله ، وبالتالي ستهان أمام نفسك ،
فقد كرمك الله بإخلافك في الأرض ؛ والإصلاح فيها وأنت {لا تُصلح} ولكن تهين نفسك أيضا!
فأنت عندما تعصي بمجرد إشارة من الشيطان لتفعل ، فيقول تعالى :
" وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" (سـبأ:20)أترضى ذلك لنفسك ؟ فعندما تنظر لشيء محرّم ؛؛؛ تذكر اسم الله ؛؛؛ الكريم.
أريد أن أنبهك أخي المسلم المؤمن الفاضل ؛؛؛ لأنك غالي قوي عند ربنا ؛؛؛ بألا تهين نفسك ولا تهين غيرك ،
اخوكم اسماعيل بدر اسماعيل